سجلت أسعار العقارات في تركيا خلال العام 2023 ارتفاعاً غير مسبوق قياساً بالأعوام السابقة، حيث زادت أسعار العقارات بنسبة تتراوح بين 100% و300% في السنوات الخمس الأخيرة لذلك للأسباب متنوعة أدت جميعاً إلى هذا النمو الكبير في القيمة الاستثمارية للعقارات في تركيا.
أسباب ارتفاع أسعار العقارات في تركيا:
عودة الحياة لطبيعتها في منتصف العام 2021:
سادت تركيا والعالم حالة من الاغلاقات وشبه توقف لعجلة الإنتاج والسفر في الفترة المتراوحة بين أوائل العام 2020 وحتى تموز/يوليو 2021 سببها جائحة كورونا، وبعد التعافي وتراجع شدة الجائحة وفتح المطارات عادت الحركة التجارية عموماً وحركة الأسواق العقارية التركية والعالمية بشكل خاص لترتفع معه نسب المبيعات.
زيادة الإقبال على تملك العقارات في تركيا:
ارتفع الإقبال على شراء العقارات التركية في السنوات الأخيرة بعد فتح المطارات وعودة حركة الطيران ازدادت طلبات الحصول على عقار في تركيا من أجل السكن أو الاستثمار العقاري أو الحصول على الجنسية التركية، وقانون التجارة يقول أن قلة العرض بسبب تراجع سرعة البناء خلال فترة كورونا وارتفاع الطلب على شراء العقارات التركية من شأنه أن يرفع السعر بشكل كبير.
تشييد العقارات من قبل كبرى شركات الإنشاء في تركيا:
تواصل كبرى شركات الإنشاء التركية ذات الصبغة العالمية كونها تطور مشاريع عقارية في مختلف دول العالم لاسيما القارة الأمريكية والأوروبية والأفريقية بناء أضخم المشاريع العقارية في تركيا ذات التصاميم الإبداعية وجودة البناء المرتفعة التي تحاكي أنظمة البناء العالمية ولا تقل أهمية عنها، فضلاً عن تزويدها بكافة الخدمات الاجتماعية والأمنية والترفيهية والخدمات التكنولوجيا وتقنية المنزل الذكي
آثار الاقتصاد التركي على واقع القطاع العقاري:
ألقى الاقتصاد التركي بظلاله على واقع العقارات في تركيا بشكل إيجابي إذ أن تراجع قيمة الليرة التركية وارتفاع التضخم أدى لزيادة أخرى في الإقبال على تملك العقارات التركية وبالتالي ارتفاع ثمنها نتيجة ارتفاع الحد الأدنى من الأجور وبالتالي ارتفاع أجور اليد العاملة عدا عن زيادة تكاليف مواد البناء خاصةً المستوردة من الخارج، كل ذلك أدى لزيادة كبيرة في أسعار العقارات التركية.
تواصل الدعم الحكومي للمستثمرين الأجانب:
إن استمرار الدعم الحكومي وتقديم الحوافز الاستثمارية والتشجيعية أدى لجذب آلاف المستثمرين إلى تركيا خلال السنوات الأخيرة منفتحين على التسهيلات الحكومية والتخفيضات والإعفاءات الضريبية وصولاً إلى منحهم الجنسية التركية عبر التملك العقاري والاستثمار في تركيا
الحرب الروسية الأوكرانية:
أدت الحرب الروسية الأوكرانية لزيادة النزوح الأوروبي نحو تركيا وزيادة المبيعات العقارية للمواطنين الروس والأوكران على وجه الخصوص كونهم فارين من الحروب وعدم الاستقرار في بلادهم ليجدوا في تركيا كل الدوافع للعيش والاستقرار فيها وتملك العقارات التركية.
عودة العلاقات التركية الخليجية:
بعد غيمة سوداء استمرت عدة سنوات عادت العلاقات التركية الخليجية عموماً والعلاقات التركية الإماراتية والتركية السعودية خاصةً لقوتها دبلوماسياً وسياساً واقتصادياً وزادت معها أنشطة تملك الخليجيين للعقارات التركية من أجل الاستثمار فيها، حيث يفضل المواطن الخليجي تركيا على أوروبا لشراء شقة فيها بهدف السكن أو الاستثمار نظراً لتشابه العادات التركية الخليجية خصوصاً الدينية والخصوصية العائلية.
نتائج الانتخابات التركية 2023:
شكل النصف الأول من العام الجاري تخوّفاً من قبل المستثمرين الأجانب بتغير نظام الحكم في تركيا واستلام المعارض لزمام السلطة والتي كانت قد تعهدت بمجرد وصولها للقصر الرئاسي منع تملك الأجانب للعقارات التركية وتعطيل استثماراتهم، ولكن في إحباط مشاريعهم الهدامة وفوز الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان وحزب العدالة والتنمية برئاسة تركية جديدة حتى العام 2028 مما أعاد الثقة للمستثمرين الأجانب باستمرار استثماراتهم في تركيا والبدء باستثمارات جديدة.
المشاريع الإنمائية ضمن رؤية تركيا 2023:
بعد فوز أردوغان وحزبه الحاكم بولاية جديدة تستمر حتى العام 2023 تتواصل مشاريع الحكومة التركية الإنمائية لاسيما مشروع قناة إسطنبول المائية ومشروع نفق إسطنبول الكبير وافتتاح باقي مراحل مطار إسطنبول الدولي ومركز إسطنبول للتمويل الدولي ضمن رؤية تركيا 2023 والذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية والبدء بما يُعرف بـ “قرن تركيا”، ومن المعروف أن المشاريع الحيوية الحكومية ترفع من القيم الاستثمارية للعقارات والأراضي المحيطة بها لاسيما مشاريع إسطنبول لتشكل هي الأخرى سبباً مُضافاً في ارتفاع أسعار العقارات في تركيا.
يرى خبراء العقار أن أسعار العقارات ستواصل ارتفاعها على الأقل في السنوات الخمس القادمة نظراً لاستمرار الدعم الحكومي للمستثمرين ومواصلة بناء وتشييد المشاريع الإنمائية الحكومية يٌضاف عليها الرؤية المالية الاقتصادية الجديدة للحكومة التركية التي تهدف إلى دعم الإنتاج والاستثمار في كافة القطاعات الاقتصادية لاسيما القطاع العقاري.